حقوقي .. سياسي .. كاتب .. مصري
إبراهيم عبد الهادي باشا
لعله كان المثل الأعلى في السياسة بعد النقراشي باشا الذي كان المثل الأعلى في الوطنية و النزاهة و الشرف . و قد اخترت صورة جمعت هذين الرجلين في صدر هذا القسم لما كان لهما من تأثير في تكوين شخصية والدي .
تولى إبراهيم عبد الهادي باشا رئاسة الوزراء عقب مقتل النقراشي باشا في ٢٨ ديسمبر ١٩٤٨ و كانت هذه الحكومة ائتلافية معظم أعضائها من الحزب السعدي و حزب الأحرار الدستوريين . ورغم الشهور القليلة في عمر هذه الوزارة و الظروف السياسية الدقيقة التي مرت بها فقد أصدرت لأول مرة في تاريخ مصر قانون الضريبة التصاعدية لتحقيق العدالة الاجتماعية ، كما أصدرت قانونا هاما آخر لإلغاء (البغاء) فقد كانت بيوت الدعارة - حتى ذلك التاريخ - معترفاً بها رسميا منذ عهد الاحتلال البريطاني .
فماذا فعل إنقلاب يوليو ١٩٥٢ بإبراهيم عبد الهادي ..؟ قُدم إلى ما سمي بمحكمة الثورة لتحكم عليه بالإعدام في تهم غاية في الضلال منها أنه لم يمنع الملك فاروق من الزج بجيش مصر في حرب لم يكن مستعدا لها .. أي حرب فلسطين ١٩٤٨ . وهكذا حُكم على إبراهيم عبد الهادي مرتين بالإعدام .. مرة من المستعمر البريطاني .. ومرة من المصريين أنفسهم ..!!
حوار مع إبراهيم عبد الهادي باشا
كان والدي في مطلع شبابه عضوا بالحزب السعدي (ولم يكن وقتها ما يمنع الطلبة من ممارسة العمل السياسي) و قد تدرج في العمل الحزبي حتى أصبح رئيسا للشباب السعدي بمصر الجديدة إلى أن ألغيت الأحزاب في أعقاب يوليو ١٩٥٢ . و كان إبراهيم عبد الهادي باشا رئيسا للحزب السعدي في هذه الفترة و إلتقى به والدي من خلال العمل الحزبي في مناسبات عدة منها ما هو موثق بالصور في هذا القسم . و بعد إلغاء الأحزاب كان والدي يتردد على إبراهيم عبد الهادي باشا في منزله بالمعادي بين الحين و الآخر و ذلك حتي و فاته عام ١٩٨١ .
و في يوم ٢٧ إبريل ١٩٧٨ ، أجرى والدي حوارا مسجلا مع إبراهيم عبد الهادي باشا تحدثا فيه عن العديد من المواضيع منها نشأة الهيئة السعدية و حكم السعديين و الإخوان المسلمين و جمال عبد الناصر و علاقة رجال السياسة ببعضهم في العهد الملكي . و ظل هذا الحوار المسجل حبيس المنزل يستمع إليه والدي بين الحين و الأخر و أعتقد أنه قد آن الأوان لهذا الحوار أن يسمعه الناس لأنه شهادة واقعية على فترة هامة من تاريخ مصر الحديث حرص البعض على أن تمحى من الذاكرة .