top of page
الحياة الحزبية

لم يكن اسما لامعا في عالم السياسة إلا أنه مارس العمل السياسي لأكثر من خمسين سنة كان خلالها مؤيدا أحيانا و معارضا أحيانا و صامتا مراقبا أحيانا أخرى … فقد بدأ مسيرته مع السياسة في سن الرابعة عشرة و بالتحديد في سنة ١٩٤٧ و مر بتجارب عديدة حتى قرر اعتزال العمل السياسي في أواخر التسعينيات من القرن الماضي بعدما تقدم به العمر و فقد الأمل في قدرته - هو و من هم مثله - على إحداث تغيير سلمي على حالة الجمود السياسي التي أصابت المجتمع المصري نتيجة الاحتكار السياسي و تقييد الحريات و تهميش الأفكار منذ يوليو ١٩٥٢ . فماذا كان توجهه السياسي إذن ؟

كان ديموقراطيا يؤمن بسيادة الشعب و إحترام اختيارات الأغلبية - حتى و إن كانت تتعارض مع اختياراته الشخصية - و كان ليبراليا يؤمن بحرية الرأي و العقيدة و مبادئ الاقتصاد الحر و كان إجتماعيا يؤمن بدور الحكومة الرقابي لضمان جودة الخدمات و الرعاية الاجتماعية . 

المعلومات المذكورة في هذه الصفحة تدعمها الأخبار و المواضيع الصحفية الواردة بالصفحة التالية من الموقع (الصحافة) .

Photo 094.jpg
الهيئة السعدية - الوطنية عدل و كرامة

تأسست الهيئة السعدية (أو حزب السعديين) إثر خلاف بين أقطاب حزب الوفد حول قرار حكومة النحاس باشا بإسناد مشروع كهربة خزان أسوان لشركة بريطانية بالأمر المباشر أي بدون إجراء مناقصة عالمية كما هو متبع بالنسبة للمشروعات الكبرى . فقد اعترض على هذا الأمر وزيرين من الحكومة هما محمود فهمي النقراشي و حامد محمود فأجرى النحاس باشا تعديلا وزاريا في اليوم التالي أخرج بموجبه الوزيرين المعترضين من الحكومة و توالت الأحداث إلى أن تم فصل النقراشي من عضوية الحزب بحجة الخروج على ”الالتزام الحزبي“ . وقف أحمد ماهر و نخبة من أعضاء الوفد إلى جانب النقراشي و أعلنوا فيما بعد عن قيام حزب جديد بإسم ”الهيئة السعدية“ و كان شعار الحزب الذي أطلقه أحمد ماهر باشا هو : الوطنية عدل و كرامة .

أعجب والدي كثيرا بمبادئ هذا الحزب و بأفكار زعمائه أحمد ماهر و محمود فهمي النقراشي و في عام ١٩٤٧ - و هو طالب في مدرسة طنطا الثانوية - إنضم إلى شباب الحزب و لم يكن وقتها ما يمنع الشباب من ممارسة العمل السياسي فقد كانت في كل المدارس و الجامعات لجان لشباب الأحزاب المختلفة و كانت مناقشات الطلبة بمثابة جلسات برلمانية مصغرة تتحاور فيها الأفكار و تتقابل . و قد تدرج في العمل الحزبي حتى أصبح رئيسا للشباب السعدي بمصر الجديدة إلى أن ألغيت الأحزاب في أعقاب يوليو ١٩٥٢ . و بالرغم من مشواره الطويل مع السياسة فيما بعد و التغيرات الجذرية في أسلوب ممارستها إلا أن مبادئ الهيئة السعدية و القدوة المتمثلة في زعمائها قد ظلت الأساس لأفكاره و مبادئه حتى آخر يوم في حياته .. 

حزب الأحرار "الإشتراكيين"

تأسس حزب الأحرار عام ١٩٧٦ مع بداية الانفتاح السياسي في عهد الرئيس أنور السادات فقد كانت البداية مع تأسيس المنابر الثلاثة ، اليمين (الأحرار الاشتراكيون برئاسة مصطفى كامل مراد)  و اليسار (التجمع الوطني الوحدوي برئاسة خالد محيي الدين) و الوسط (تنظيم مصر العربي الاشتراكي برئاسة أنور السادات) . و بقرار من السادات أيضا تحولت هذه المنابر إلى أحزاب سياسية و تأسس الحزب الوطني الديمقراطي الذي حل محل تنظيم مصر العربي الاشتراكي . و تجدر الإشارة هنا إلى أن قادة الأحزاب الثلاثة من تنظيم الضباط الأحرار . 

في بداية الثمانينيات ، إنضم والدي لحزب الأحرار و سرعان ما سطع نجمه داخل الحزب و إنضم للمكتب السياسي و الأمانة العامة ثم أصبح أمينا لصندوق الحزب . و في هذه الفترة ، شارك بشكل إيجابي في نشاط الحزب سواء بالمقالات الأسبوعية في جريدة الحزب أو بالمشاركة في ندوات الرأي و المؤتمرات الحزبية و كذالك بالمشاركة في إنتخابات مجلسي الشعب و الشورى و التي جانبه فيها التوفيق لصالح مرشحي الحزب الوطني الديمقراطي - بطبيعة الحال - كما مثل الحزب في مؤتمرات الأحزاب الليبرالية بالنمسا و السويد .

و مع إقرار إجراء الانتخابات بنظام القائمة النسبية ، سارعت الأحزاب السياسية - و منها حزب الأحرار - إلى الدخول في تحالفات - معلنة و غير معلنة - مع التيارات الإسلامية المختلفة الشيء الذي رأى فيه والدي عبثا سياسيا لا يبرره السعي لدخول البرلمان في ظل نظام انتخابي جائر . و مع تزايد نفوذ التيار الإسلامي داخل الحزب و إنفراد رئيس الحزب في إتخاذ القرارات المصيرية ، تقدم والدي  باستقالته و ذلك للتفرغ لتأسيس حزب ”المستقبل“ مع الدكتور فرج فودة . 

حزب المستقبل - فكر يتزعم بدلا من زعيم يفكر
Al Mustaqbal Party Programme - 1.jpg

برنامج حزب المستقبل

(أكتوبر ١٩٨٤)

تزامن استياء والدي من الأوضاع داخل حزب الأحرار مع استقالة الدكتور فرج فودة من حزب الوفد الجديد إثر خلافه الشهير مع الشيخ صلاح أبو إسماعيل الذي قاد تحالف الوفد مع الإخوان المسلمين في إنتخابات برلمان ١٩٨٤ ، فكلاهما قد رأى في تحالف الأحزاب الليبرالية مع التيار الأصولي عبثا سياسيا يضر بمصداقية و مستقبل تلك الأحزاب حيث أن التحالفات السياسية يجب أن تكون على أساس وحدة المبادئ و ليس وحدة المصالح . و التقى الرجلان و شرعا في تأسيس حزب المستقبل ليعبر عن أغلبية صامتة لم تكن قد قالت كلمتها بعد .. و لسد الفراغ السياسي للشباب في إطار حوار ديمقراطي يعتمد على فكر يتزعم بدلا من زعيم يفكر ..

 

و في يوم ٨ أكتوبر ١٩٨٤ ، تقدم الدكتور فرج فودة - بصفته وكيلا للمؤسسين - إلى لجنة شؤون الأحزاب بطلب تأسيس حزب المسقبل و عقد المؤتمر التأسيسي لهذا الحزب في نفس اليوم ، إلا أن لجنة شؤون الأحزاب قد رفضته مرتين لتفاصيل إجرائية و فُسِّرَ ذلك على أنه رغبة من النظام الحاكم في التهدئة مع التيارات الدينية و عدم استفزازها بالتصريح بقيام أحزاب تدعو للدولة ”المدنية“ . و لتسليط بعض الضوء على هذا الحزب و مبادئه ، نعرض نسخة من برنامجه و كذلك تسجيلا صوتيا للمؤتمر التأسيسي متضمنا كلمات الشريكين المؤسسين الدكتور فرج فودة و الأستاذ أحمد طلعت . 

 

و بعد سنوات من فشل التجربة سألت والدي إن كان اندفاع الدكتور فرج فودة هو السبب في فشلها فأجاب أن الدكتور فرج فودة كان مفكرا متميزا إلا أنه لم يكن سياسيا محنكا فقد كان يرد على استفزازات خصومه السياسيين بالتهكم مما أدى إلى اغتياله على يد أحد الأميين بعد أن كفره بعض أئمة الإسلام السياسي . 

ذكريات مع السياسة
bottom of page